السادة مركز إعلام المحترمين،
نكتب إليكم من الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل لنناشدكم بالانسحاب من مشروع "الحوار الثلاثي الثقافات" الذي يموّله صندوق "هربرت كواندت" الألماني والمتعلق بالاستكمال المهني للصحفيين، كون المشروع تطبيعي بشكل واضح ويتناقض مع نداء المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، بل ويتعارض حتى مع معايير المقاطعة الخاصة بشعبنا الفلسطيني في أراضي 48، ولأن المشروع يُسيّس الصحافة بشكل فج لخدمة أهداف أيديولوجية ألمانية في خدمة المشروع الصهيوني ودولة إسرائيل.
يخلط الإعلان عن المشروع بشكل غريب ومستهجن بين "الأديان الإبراهيمية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام" وبين ما يسمى بالثقافات الثلاث: إسرائيل وفلسطين وألمانيا، وكأن إسرائيل ممثلة لكل يهود العالم وليس فيها مواطنون فلسطينيون، مسلمون ومسيحيون ودروز وغيرهم، وكأن فلسطين تمثل الإسلام، وليس فيها مسيحيون، بل ولم تكن مهد السيد المسيح، وكأن ألمانيا تمثل المسيحية في العالم وليس فيها مسلمون ويهود وغيرهم!
كما يدعو المشروع إلى "تدريب" الصحفيين، في إطار ما يسمى بالـ"حوار" بين هذه "الثقافات" الثلاث، كما ينص نموذج الاشتراك. إن هذا التوجه تطويعي، لا تدريبي بالمفهوم المهني، فهو يهدف إلى تطبيع العلاقة مع إسرائيل ومع الصحفيين الإسرائيليين وكأن إسرائيل ليست بنظام احتلال واستعمار استيطاني وأبارتهايد، وكأن ألمانيا ليست متواطئة بعمق في إدامة هذا الاضطهاد الصهيوني المركّب لشعبنا في كافة أماكن تواجده، في الوطن والشتات من خلال دعمها الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي وفي كافة المجالات الأخرى لهذا النظام ومؤسساته المتواطئة.
إن كان الهدف مهنيّ بحق، فلماذا لا يُدعى إليه الصحفيون الفلسطينيون مع الألمان وحدهم؟ لماذا يجب إقحام الصحفيين الإسرائيليية و"الثقافة" الإسرائيلية كمكون رئيسي في المشروع، بل كهدف المشروع الأهم؟ لماذا يُسَيّس المشروع بهذا الشكل ويُجبر من يريد أن يتطور مهنياً، بدعم كامل وسخي من الصندوق الألماني، كالعادة، أن يفعل ذلك فقط في إطار إيديولوجي ضيق، تطبيعي، منحاز، يشرعن الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي ويطبع العلاقة مع المضطهدين، دون أن يطالبهم أولاً بالاعتراف بحقوقنا الأساسية كشعب فلسطيني، أي حقنا في إنهاء الاحتلال (بما في ذلك المستعمرات والجدار) وإنهاء نظام التمييز والفصل العنصري المقاو في أراضي 48 وحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها خلال النكبة وبعدها؟
تخيلوا مشروع تدريب للإعلاميين البيض والسود في جنوب أفريقيا خلال الثمانينيات لا يدين نظام الأبارتهايد! كان ذلك يعدّ تطبيعاً مرفوضاً من الغالبية الساحقة في المجتمع الأسود وقتها، كما إن المشاريع التطبيعية، كمشروع "حوار الثلاثيّ الثقافات"، مرفوضة من غالبية شعبنا لأنها تخدم دولة الاحتلال في التغطية على جرائمها، بالذات المجزرة الأخيرة في قطاع غزة والاستيطان المنفلت من عقاله والمصحوب بتطهير عرقي متصاعد في القدس المحتلة والأغوار والنقب، والقوانين العنصرية التي يسنها البرلمان الإسرائيلي بشكل محموم مؤخراً، والتي تذكر بقوانين ألمانيا العنصرية في ثلاثينيات القرن الماضي، كما كتب/ت أكثر من معلق/ت ومثقف/ة إسرائيلي/ة في الإعلام العبري.
إن كانت بعض الجهات الرسمية والأهلية الألمانية تود التكفير عن المحرقة النازية وتخفيف الشعور بالذنب تجاهها، فيجب أن يكون ذلك من خلال رفض كل اضطهاد وكل نظام عنصري يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما يفعل النظام الإسرائيلي بتواطؤ هائل من المؤسسات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية، لا من خلال دعم نظام احتلال واستعمار وأبارتهايد صهيوني. لا علاقة للشعب الفلسطيني ولا الشعوب العربية بالإبادة النازية لليهود ولا لغيرهم، فلماذا تصر الحكومة الألمانية وبعض المؤسسات الألمانية المتواطئة في التغطية على جرائم إسرائيل على رشوة بعض الفلسطينيين ليشاركوا في هذه المشاريع السياسية المنحازة التي تخدم إسرائيل ومشروعها العنصري والاستعماري أولاً وآخراً؟
بالإضافة لكل ما سبق، وفي اتصال قمنا به مع إدارة جامعة بيت لحم للاستفسار عن مشاركتها في المشروع، كما ورد في إعلان المشورع، أكدت الأخيرة أن لا علاقة للجامعة من قريب أو بعيد بهذا المشروع، بل وقامت الإدارة بالاتصال بالجهات الألمانية المعنية لحذف اسم الجامعة من المشروع والاعتذار عن زج اسم الجامعة فيه دون علمها. إن هذا الإقحام الزائف لجامعة بيت لحم يضع علامات استفهام كبيرة على صدقية المشروع ومهنية الجهات المنظمة له.
في ضوء كل ذلك، نحث مركز إعلام على الانسحاب من هذا المشروع التطبيعي، ونتطلع لاستلام ردكم قريباً.
مع احترامنا،
الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل
15 كانون ثاني/يناير 2015